
المسؤولية الاجتماعية للشركات وإدارة الأزمات
لا تقتصر المسؤولية الاجتماعية للشركات على ما تفعله المؤسسات بأرباحها بل تمتد أيضاً لتشمل تمحيص السبل التي تجني بها هذه الأرباح. الأمر يتجاوز كثيراً حدود الأعمال الخيرية ومجرد الامتثال إلى فهم الطريقة التي تمارسها الشركات لإدارة جوانبها البيئية والاجتماعية والاقتصادية، فضلاً عن علاقاتها مع أصحاب المصلحة فيها، سواء أكان هذا من خلال مكان عملها أو سلسلة إمدادها أو مشاركاتها مع المجتمع المحلي أو ما إلى ذلك. في ظل اقتصادنا الذي يتسم بدرجة كبيرة من العولمة، من الحتمي أن نتبنى برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات بالتزامن مع متطلبات "توسيع النطاق" الأخرى.
وبالتالي ارتبطت المسؤولية الاجتماعية للشركات ارتباطاً جوهرياً بإدارة مخاطر الشركة من خلال رسم خرائط للمخاطر الحالية والمحتملة وطرح حلول للتصدي لها بفعالية. وما زال السبيل إلى هذا يتمثل في مواصلة الإدارة الفعالة لانخراط أصحاب المصلحة.
وتظل السمعة والأخلاقيات في صدارة القضايا العديدة التي ترتبط بالمسؤولية الاجتماعية للشركات ووصلت إلى عناوين الأخبار مؤخراً. تشمل الأمثلة على ذلك ناشطية المساهمين وقضايا سلاسل الإمداد والعمالة القسرية والعمال غير الشرعيين والفضائح المالية والتزوير المحاسبي والقائمة طويلة.
حتى لو عملت بلا كلل أو ملل لتحقيق الآثار الاجتماعية والبيئية المثلى لشركتك، ينبغي عليك مع ذلك أن تأخذ في اعتبارك دائماً ما يلي:
1– تعزيز الشفافية: كان هذا دائماً العامل الأهم وينبغي أن يكون دائماً على رأس خطة أعمال الشركة. فسواء على الصعيد الخارجي أم الداخلي، ستتخذ الشفافية شكلاً جديداً كموجودات متاحة للجماهير، إذ ينبغي أن تكون بيانات الحوكمة والبيانات الاجتماعية والبيئية التي يتم الإفصاح عنها إلزامياً الآن متاحة للجميع بالإضافة إلى تحليل مستوى تأثير دورة الحياة.
2– تبنّي غرض اجتماعي واضح ودمجه على مستوى العمليات: هذا لن يقضي على مخاطر وضعك في دائرة الضوء على خلفية أفعالك السابقة في الماضي، لكنه سيضع الأساس لضمان ممارسة جميع جوانب العمل بأسلوب أخلاقي ومسؤول.
3– تحديد الجماعات الدعوية وجماعات المصالح الخاصة والانخراط معها: في إطار خطة إشراك أصحاب المصلحة، يمكنك أن تعطيهم الفرصة لتمحيص مختلف جوانب عملك. سيكون تطوير قنوات معينة لمختلف أصحاب المصلحة ضرورياً لتلبية الحاجات إلى المعلومات وتسهيل إعداد قوائم أدق تبين أداء المؤسسات.
قطعت المسؤولية الاجتماعية للشركات شوطاً بعيداً من مجرد كونها نوعاً "مخصصاً" من استجابة تأتيها الشركات لـ"الحد من الضرر". فهي الآن حركة عالمية تتسم بالشمول والمبادرة وتتجلى بوضوح وبشكل متزايد ثمار فعلها بالشكل الصحيح.
يدرك التنفيذيون في كبرى الشركات في العالم ومديرو الأصول والرؤساء التنفيذيون بل وأعضاء مجالس الإدارات الآن أن المسؤولية الاجتماعية للشركات والاستدامة لم يعد بالإمكان "تجزئتها" في دائرة متخصصة. بدلاً من مجرد التمتع بوضعية المواطَنة "من الدرجة الثانية" في المؤسسة، يجري أخذ القضايا البيئية المادية والاجتماعية وقضايا الحوكمة في الاعتبار في استراتيجيات الشركات والاستراتيجيات الاستثمارية.
ومن هنا سنقدم سلسلة "المسؤولية الاجتماعية للشركات وإدارة الأزمات" لعرض مختلف دراسات الحالة للشركات الأجنبية التي واجهت أزمات كبرى وكيف تعافت منها من خلال تطبيق المسؤولية الاجتماعية الاستراتيجية للشركات. ويهدف هذا إلى دفع جميع الموظفين إلى البدء في التفكير في مزيد من السبل لدمج المسؤولية الاجتماعية للشركات في مجالاتهم الوظيفية المعينة وإصدار توقعات مستقبلية ملائمة تتمخض عن أساس منطقي لتخفيف المخاطر. انتظروا المزيد من الأفكار الثاقبة.