
سلسلة المسؤولية الاجتماعية للشركات وإدارة الأزمات: دراسة حالة نايكي
في بيئة الأعمال في يومنا هذا، تركز بعض الشركات اهتمامها على الحتميات المالية، دون أي اعتبار للأخلاقيات والقيمة. ففي ظل الشكوك المحيطة بالأوضاع الاقتصادية والتنافسية السوقية، غالباً ما نجد كثيراً من الشركات تكافح للحد من التكاليف قبل أن تضع في الاعتبار أي شيء آخر. هذه الرغبة المستمرة في احتواء التكاليف غالباً ما تكون على أشدها في سلسلة الإمداد.
عادة ما تكون سلسلة الإمداد الفعالة خفيفة الحركة ومتجاوبة مع الأولويات المتغيرة بالسيطرة على التكاليف والتقيد بالجداول الزمنية لأداء أعمالها وإعطاء الشركات الفرصة للتوسع لتحقيق النمو. وقد أتاحت العولمة والتكنولوجيا والرغبة المتنامية على الدوام في زيادة الأرباح، الإمكانية لتصنيع المكونات في بلد بعينه وتجميعها في بلد آخر وبيعها في بلد ثالث.
غير أن التحول الذي حدث في إدارة سلسلة الإمداد لم يقض على ناشطية المستهلكين والحاجة إلى مواطنة الشركات. والحقيقة أن من مقتضيات هذا التحول أن صار من الحتمي خضوع الشركة الأم والجهات الكثيرة المتعاقدة معها للمساءلة الصارمة.
في أواخر تسعينيات القرن الماضي، وجدت شركة نايكي الأمريكية نفسها في خضم جدل خطير على خلفية مزاعم باستخدامها مصانع مُستغِلة للعمال في سلسلة إمدادها، مما ألحق أضراراً حقيقية بالشعبية التي تتمتع بها الشركة في ذلك الزمان، وهو ما أثّر بدوره على سمعتها تأثيراً هائلاً. ظل ذلك الإدراك لصيقاً بشركة نايكي زمناً طويلاً حيث صار الناس يربطون منتجاتها بالأجور الجائرة والعمل قسرياً ساعات أكثر من المعتاد وغيرها من الشروط التعسفية. كان إحداث تحول في هذه الأوضاع يبدو وكأنه ضرب من المستحيل. بل والحقيقة أن الشركة اضطرت إلى تسريح بعض موظفيها على خلفية تراجع مبيعاتها. آذن ذلك بنقطة التحول التي قرر عندها فيل نايت، الرئيس التنفيذي في ذلك الوقت، أن يحدث تغييرات جذرية داخل الشركة.
فماذا حدث؟ لقد أدركت نايكي أن السبيل إلى إنقاذ سمعتها يكمن في أن تكون شركة خاضعة للمساءلة وأن تتحمل المسؤولية عن أفعالها. وكان هذا يعني أن تتوخى الأمانة والشفافية فيما يتعلق بقضايا العمل التي كانت تواجهها من خلال الإتيان على ذكرها في تقاريرها. اتخذت الشركة إجراءات لزيادة الحد الأدنى للأجور التي تدفعها لعمالها، مما أدى إلى تحسين ممارسات العمل بوجه عام وضمن أن تكون أوضاع العمل مأمونة. تعترف الشركة بأن العيوب التي شابتها كانت جزءاً لا يتجزأ من هذه العملية، وقد قطعت نايكي الآن شوطاً بعيداً في طريق التخلص من آثار ارتباط سمعتها بالمصانع المُستغِلة للعمال. بالإضافة إلى ذلك ففي عام 2005، كانت نايكي أول شركة في مجالها تنشر قائمة بالمصانع المتعاقدة معها، فضلاً عن نشرها تقارير بخصوص بيئات العمل في هذه المصانع والأجور التي يتقاضاها العمال، من أجل الوفاء بوعدها الذي قطعته بترسيخ المسؤولية الاجتماعية للشركات. ولضمان احتفاظها بمكان الصدارة على منافسيها، تواصل الشركة أيضاً تركيزها على العملاء والابتكار. الدرس الرئيس الذي نتعلمه من قصة نايكي أن سلسلة الإمداد لا يمكن فصلها عن الشواغل المتعلقة بالصحة والسلامة والبيئة في إطار المسؤولية الاجتماعية للشركات.
لمعرفة المزيد من المعلومات عن ممارسات نايكي الحالية فيما يتعلق بالابتكار المستدام والمسؤولية الاجتماعية للشركات، برجاء زيارة الرابط التالي: http://about.nike.com/sustainable-innovation