
فنجان قهوة مع “مارِيك”
أتمنى أن تكونوا قد استمتعتم بقراءة العدد الأول من عمود "فنجان قهوة مع مارِيك" –فلقد تلقّينا عدداً من الأسئلة اللافتة، غير أنني سأركّز على أحدها فقط في هذا العدد. ولا تقلقوا، إذا كنتم قد أرسلتم أسئلتكم، فلم يتم إغفالها وسنقوم بالإجابة عليها في أعداد قادمة، فابقوا معنا!
لقد سأل أحد زملائكم "مارِيك": "ما هو العامل الأهمّ بنظرك: الشهادة أم الخبرة؟".
أشكرك على سؤالك. لكن كما هو الحال بالنسبة للأسئة الجيّدة، ليس هنالك من جواب بسيط، في اعتقادي! بالطبع، من كان محظوظاً واستطاع أن يتلقّى تعليماً جيداً، يمتلك أساساً عظيماً يمكنه البناء عليه. فالتعليم يفتح أبواباً في الحياة. فأنا أوضّح لأبنائي دائماً بأنني لا أهتمّ بالنتائج التي يحرزونها في المدرسة، ما داموا يجتهدون ويهتمون بدروسهم. فذلك الاجتهاد سيفتح أمامهم أبواباً ويتيح لهم فرصاً كثيرة عندما يغادرون المدرسة. فعندما تبدأ مسارك المهني، سينظر غالبية أصحاب العمل في الكفاءات والإنجازات التي حصلت عليها في مدرستك وجامعتك، إذا أكملت دراستك الجامعية.
ومع ذلك، فمن المهم جداً عدم الخلط بين التحصيل العلمي والذكاء –فأنت لا تحتاج إلى التحصيل العلمي لكي تكون ذكياً. باعتقادي أن الذكاء هو ميزة أساسية، تتجسّد بأفضل طريقة من خلال حبّ الاطّلاع. فهنالك أناس يسألون على الدوام "لماذا ننجز هذا العمل على هذا النحو؟"، و"هل من طريقة أفضل لذلك؟"، و"ماذا لو حاولنا الطريقة "س" مثلاً؟"، وهكذا... ويمكن تطبيق هذا النهج في جميع مستويات المؤسسة، لا في السوية الإدارية فقط. فحبّ الاطّلاع ذاك هو الذي يؤدي إلى حصول التغييرات الإيجابية.
أما بالحديث عن الخبرة، فلا يسعني سوى التأكيد على أن ذلك متعلّق بالوظيفة التي يشغلها المرء أو بالدور الذي يؤدّيه. فعندما يتعلق الأمر بزيارة الطبيب، أشعر شخصياً بأمان أكبر عندما أجلس بين يدي طبيب ذي خبرة، لا طبيب قد تخرّج لتوّه من كلية الطب. ولا تُغيّر من موقفي هذا حقيقة أن الطبيب المتخرج حديثاً من كلية الطب قد يكون أكثر اطّلاعاً بالتقنيات الحديثة في مجال عمله –فأنا أبقى مرتاحاً أكثر بين يدي الطبيب الأكثر خبرة.
ولسوء الحظ، فإنك لا تحصل على الخبرة إلا إذا وفّر لك أصحاب العمل فرصة اكتسابها –ومن المرجّح أن يوفّروا لك تلك الفرصة إذا كنت تمتلك الكفاءة المناسبة (التعليم المناسب) في المقام الأول. ولذلك تتمثّل نصيحتي لكم يا أيها الشباب في أن توفّروا لأنفسكم أفضل فرص النجاح من خلال تحصيل أفضل تعليم ممكن، لأنه من المرجّح أن يفتح أمامكم عدداً أكبر من الأبواب.
وما إن تُمنح الفرصة، أظهِر درجة كبيرة وحقيقية من حبّ الاطلاع في كل ما تفعله ورغبة صادقة في إحداث فرق إيجابي. وهذا بدوره سيُثري خبراتك قد الإمكان –ومع تقدّمك على مسارك فإنك كلّما ازددت خبرة، وجب عليك تقديم قدر أكبر من الدعم للآخرين وبالتالي تزداد قيمتك بالنسبة لهم.
شكراً لكم جميعاً وإنني لأتطلّع بشوق كبير لتلقّي المزيد من أسئلتكم. إن كان لديكم أية أسئلة بإمكانكم التواصل معي عبر البريد الإلكتروني: communications@bmmi.com.bh ، وسأجيبكم عبر هذا العمود عندما تسنح الفرصة بذلك.