
تطور القدرات واستكشاف الفرص – مقابلة مع أورميل مادان، مديرة قسم سلاسل التوريد والخدمات اللوجستية
قبل ست وعشرين سنة مضت، التحقت أورميل مادان بمجموعة بي أم أم آي كموظفة متدربة، ولم يخطر لها أبداً أن هذا المنصب المؤقت الذي شغلته وقتئذ سيصبح مسيرة مهنية تمتد إلى ما يقرب من ثلاثة عقود. ومع توسع أعمال المجموعة على مر السنين، اتسعت معها آفاق طموح أورميل، فضلاً عن تزايد خبرتها وتطورها المهني والشخصي وترسخ ولائها لمجموعة بي أم أم آي. وحالياً تشغل أورميل منصب مديرة قسم سلاسل التوريد والخدمات اللوجستية بمجموعة بي أم أم آي، حيث تتولى مهام الإشراف على الخدمات والمنتجات التي تقدمها المجموعة في شتى القطاعات.
كيف كان الحال عندما التحقت بالعمل لأول مرة لدى بي أم أم آي؟
لقد التحقت أول الأمر بفريق المالية التابع للمجموعة شهر فبراير سنة 1992، وذلك وفق عقد عمل مدته ستة أشهر، كوني تخرجت حديثاً بشهادة في المحاسبة. وعندما سنحت الفرصة وفتح منصب عمل في قسم آخر من المجموعة، نصحوني أن أتقدم لتولي المنصب، وقد فعلت ذلك. لقد كان المنصب الجديد حينئذ تحدياً بالنسبة لي لأني لم أكن أملك خبرة كبيرة ولم يمض كثير وقت على تخرجي. والآن عندما أفكر فيما مضى، أشعر بالامتنان لأني اضطررت لتعلم الكثير من الأمور في وقت قصير. لقد كانت تجربتي في تولي ذلك المنصب تجربة تعلم تطبيقية، ومثلت لي حافزاً ذاتياً قوياً مكنني من اكتساب الخبرة من خلال العمل والتطبيق. كان فريقنا وقتئذ مجموعة صغيرة من الموظفين، ومع أن حجم العمل كان كبيراً جداً، إلا أنني كنت متحمسة ومدفوعة بقوة بفعل الزخم والحماسة التي كان الفريق يبثها. وبعد حوالي سنتين ونصف من تولي ذلك المنصب، انتقلت مجدداً لمنصب آخر في شركة نادر للتجارة، التي تمثل قسم السلع الاستهلاكية سريعة الدوران في مجموعة بي أم أم آي.
كيف تطور منصبك وقتها؟
في ذلك الوقت، كنت أعمل في قسم الإدارة والتخزين، لكن قسم الخدمات اللوجستية بالشركة كما نعرفه اليوم لم يتأسس إلا سنة 1997، بعدما انتقلنا إلى مكاتب المجموعة الجديدة بمقر بي أم أم آي الرئيسي في سترة. عندئذ أصبحت الإدارة عملية مركزية، وانضم أيضاً فريق إدارة قسم المشروبات إلى فريق إدارة قسم السلع الاستهلاكية سريعة الدوران، وفي تلك الأثناء واصلت شركات مجموعة بي أم أم آي نموها بمستوى عالٍ جداً. من ناحية أخرى، وفضلاً عن الأعمال التجارية التي كنا نديرها في قسم السلع الاستهلاكية سريعة الدوران وقسم المشروبات، كنا أيضاً نتعامل مع شركات أخرى خارجية تمثل أطرافاً ثالثة ونبرم شتى العقود مع مختلف المؤسسات تتيح لهم استخدام مبنى مستودعنا المنشئ حديثاً والذي يعتبر بحد ذاته تحفة معمارية. لا تنسى أيضاً أن مجموعة بي أم أم آي تعدّ إحدى الشركات الرائدة في قطاع الخدمات اللوجستية، ونظراً لتطور هذا القطاع وتوسع الأعمال التجارية للمجموعة كنا مدفوعين بقوة لتعلم الكثير جداً من الأمور بوتيرة سريعة. وبهذا الصدد، كنا نعمل معاً ونستكشف الفرص مع بعض ونطور ونحقق الكثير من الإنجازات في هذا القطاع النامي. وللأمانة، كان العمل شاقاً بالفعل! كنا نُعدّ برامج إدارة المنتجات، ونتعلم الأنظمة الجديدة التي تعمل بها هذه البرامج، ونتعامل مع الموردين والموزعين، ونتولى أعداداً كبيرة من المهام والمسؤوليات. والآن، نحن ندير مجموعتنا المختلفة من شركاتنا في قطاع السلع الاستهلاكية سريعة الدوران، وقطاع المشروبات، ونبرم مختلف الصفقات مع شركات الخدمات اللوجستية الخارجية، ونتولى تجارتنا الإلكترونية، وعمليات التوريد والشحن والتوزيع وغيرها الكثير!
حسناً أخبرينا كيف يمضي أحد أيامك في العمل؟
إن أيامي في العمل مزدحمة جداً لأن عليّ التعامل مع الكثير من المهام وحلّ العديد من العقبات والمشاكل التي تطرأ بين الفينة والأخرى، بحيث ينبغي علينا كفريق عمل أن نعالج هذه القضايا من مختلف الجوانب. لا تنس أن علينا مراقبة المتطلبات الصحية للمنتجات، والتعامل مع الجمارك، والتجاوب مع شركائنا، وكتابة التقارير، والالتزام بمعايير مجموعة بي أم أم آي العالمية لضمان أن المخزون متاح ومتوفر في الوقت المناسب. مع ذلك لا يبدو يومي رتيباً البتة، مما يبث الحماس في نفسي ذلك أنه لا يوجد يومين متشابهين عند العمل لدى بي أم أم آي.
هل كنت تخططين للعمل كل هذه الفترة الزمنية مع بي أم أم آي؟
بصراحة، لم يخطر ببالي أبداً أنني سأصل إلى ما وصلته في وقتنا الحالي. لم يكن لدي خطط محددة تتضمن أن أبقى في العمل لدى بي أم أم آي كل هذه الفترة. ولكن مع مرور الأيام، كنت أرى نفسي تتقدم وتحرز المزيد من الإنجازات. وعندما تأملت وضعي اكتشفت أني طوّرت الكثير من السمات الإيجابية على كلا الصعيدين: المهني والشخصي. بالنسبة لي، لم يكن قطاع الخدمات اللوجستية مجال تخصصي، وكان ميداناً جديداً كلياً عليّ، ورغم مرور السنوات لازلت مؤمنة بأنني أتعلم في هذا القطاع شيئاً جديداً كل يوم، وذلك لأن الخدمات اللوجستية ميدان ثريّ ويتوسع بسرعة، ولا زلتُ أحظى بالفضول والحماس الكافيين لتعلم كل ما يمكنني تعلمه في هذا المجال. وبالنظر إلى ما سبق، وجدت أن مجموعة بي أم أم آي مكان مناسب لي، من جميع الجوانب. وفرت مجموعة بي أم أم ىي ليّ جو عمل مريح للغاية، كما أنها أتاحت لي ما لا يحصى من فرص التعلم والتطور المهني والشخصي، أما ثقافتنا المؤسساتية وسياسات عملنا المتقدمة فهي مذهلة بحقّ، كما أنني لم أفتقد يوماً كل ما أحتاجه من الدعم والمساندة سواء من الإدارة العليا أو من زملائي في العمل. لذلك لا جرم أن تمثل لي بي أم أم آي شركتي الأولى والأخيرة، والشركة الوحيدة التي أكن لها التقدير والولاء. وإذا فكرت الآن وعددت جميع الأمور الجديدة التي تعلمتها والخبرات التي اكتسبتها والنمو الشخصي والمهني الذي حققته، لا أستطيع أن أتصور للحظة أن أعمل في شركة أخرى غيرها.
هل خطر لك من قبل أنك ستدخلين مجالاً جديداً غير مجال الخدمات اللوجستية؟
بصراحة، أشعر أني مغرمة بقطاع الخدمات اللوجستية. وذلك لأنه مجال فاتن بحد ذاته ويضم الكثير جداً من الفرص والتحديات. إنه مجال لا يعرف الهدوء، وهو يبقينا كفريق عمل مشغولين جداً ومستعدين دائماً، وهذا بالفعل ما يبث الحماسة في قلوبنا. كل يوم، ننهض صباحاً ونتوجه للعمل لنجد شيئاً جديداً علينا التعامل معه. والأجمل أن هذا القطاع يتشابك مع العديد من المجالات والمواضيع، لذلك لا أشعر أثناء العمل فيه بأي ملل أو رتابة. من جانب آخر، يعتبر النمو الذي حققته بي أم أم آي في قطاع الخدمات اللوجستية فيما يخص الموظفين والمواهب، أكبر محفز لي لمواصلة العمل بهمة ونشاط. عندما بدأنا كان قسم الخدمات اللوجستية قسماً صغيراً، أما الآن فلدينا مستودعات تخزين متطورة، وأنظمة متقدمة ومعدات وإجراءات نظامية ومؤشرات لقياس الأداء ومعايير عمل عالمية المستوى، كل ذلك في ظل أنظمة الإدارة المتكاملة التي تعمل وفقها مجموعة بي أم أم آي. وهذا ما يجعل مجموعة بي أم أم آي مؤسسة فريدة من نوعها بما تقدمه في قطاع التوريد والخدمات اللوجستية. وبهذا الصدد، تعد مجموعتنا إحدى المؤسسات الرائدة في القطاع، ومع استمرار نمو أعمالنا التجارية، نمت قدرات ومواهب موظفينا هي كذلك. يملك كل قسم من أقسام المجموعة متطلباته الفريدة، ويستلزم الأمر استيعاب كمية كبيرة من المعارف والخبرات الفنية لإدارة هذه الأقسام بشكل نموذجي. وإذا ما مثلنا مجموعة بي أم أم آي بمركبة فإن الخدمات اللوجستية تعد محركها الأساسي، ومن دون هذا المحرك، لا نستطيع أن نشغّل أعمالنا ولا أن نحقق أهدافنا. ولأن التوقف ولو للحظة يعني تعطل الكثير من الأعمال المهمة، فإن فريق العمل على استعداد دائم وفي أعلى مستويات الجاهزية. هذا ما يجعل دورنا نشطاً جداً وحيوياً للغاية. وإذا نظرنا إلى هذا بعين الفريق، سنجد أن ما يبدو مهاماً تستلزم التنفيذ العاجل والفعّال يمنحنا حساً من المسؤولية وجرعة من التحفيز للمضي قدماً.
أنتِ الآن تشغلين منصباً رفيعاً يعتبره الكثير من الناس حكراً على الرجال، ما رأيك في هذا الموضوع؟
حسناً، عندما توليت مهامي لأول مرة، كنت أول امرأة تعمل في فريق الإدارة والتخزين لدى مجموعة بي أم أم آي، وقد مرت بالفعل الكثير من المواقف التي قال فيها الناس لنرَ كيف ستتعامل مع هذه المشكلة أو تلك. لكني لم أعتبر هذا عاملاً مثبطاً لي، واعتبرته تحدياً وسرّني جداً أن أثبت نفسي من خلاله. وبهذا الصدد لم أتوانَ عن التعلم والمثابرة، فقد اعتدت أن أذهب بنفسي إلى المخزن لفهم طبيعة المنتجات التي نبيعها ونوزعها. لقد اعتدت التجول في المخزن والتحقق بنفسي من المنتجات، بل كنت أشارك فعلياً في الكثير من عمليات جرد المخزون. بل حتى أني كنت أركب الرافعة الشوكية وأعد المنتجات بنفسي. ومع مرور الوقت، وعلى الرغم من انضمام المزيد من النساء إلى فريق العمل، إلا أن غالبية الوقت كنت المرأة الوحيدة ضمن بيئة عمل كلها رجال، مع ذلك لم يشعرني ذلك بالغرابة. لقد كنت أشعر أنني بين عائلتي، وأنا ممتنة لأن فريق العمل جعلني أشعر بهذه الأريحية والود، فلطالما كانوا سنداً لي في التعلم واكتساب الخبرات الجديدة. أما اليوم، ففريق عملنا أكثر تنوعاً بكثير، ولا يقتصر الأمر على ضمه موظفين وموظفات من الجنسين فحسب، بل لضمه كذلك العديد من الجنسيات المختلفة، الأمر الذي يمثل بحقّ ثقافة بي أم أم آي العالمية.
ذكرتِ من بين أسباب بقائك: ثقافة بي أم أم آي المؤسساتية، هل لك أنت توضحي لنا ذلك أكثر؟
ما من شك أن ثقافة بي أم أم آي المؤسساتية فريدة من نوعها. فبادئ ذي بدء، وعلى الصعيد الشخصي، لطالما شعرتُ أن هناك الكثير من المساواة والاحترام بين جميع الموظفين. كما أنني لم أعاني مطلقاً من أي نوع من التمييز أثناء العمل في المجموعة. إن مجموعة بي أم أم آي لا تمثل لي مجرد شركة أو مجموعة شركات، إنها تمثل كياناً شاملاً أو جواً سامياً يحيط بي من كامل الجهات ويشملني بالعناية والرعاية. وما ساعد على ترسيخ هذه الثقافة القيمة هو تفهم الإدارة العليا أننا بشر قبل كل شيء ولسنا مجرد عمّال أو موظفين. ومع أن المناصب ومسؤولياتها تختلف إلا أن كبار المدراء كانوا على دراية عميقة باحتياجات كل موظف ومنصبه، وهذا ما ساهم في جعل مجموعة بي أم أم آي مؤسسة متميزة ومختلفة بالفعل. كما أنني أثناء عملي حصلت على الكثير من الدعم لكي أدرّب نفسي وأطور قدراتي، ليس في مجال الخدمات اللوجستية فحسب، بل في العديد من المجالات. تمتلك بي أم أم ىي ثقافة مؤسساتية تعتبر تربة خصبة للنمو الشخصي والمهني، وذلك بشرط اغتنام الفرص التي تظهر لك. من ناحية أخرى، أحاول باستمرار أن أعيش وفق قيم Winning Hearts التي تميز ثقافتنا المؤسساتية، وأعمل كل يوم على رعايتها وتنميتها في زملاء عملي. وبمناسبة ذكر القيم، لي الشرف أن كنتُ ضمن أعضاء الفريق الذي وضع هذه القيم، لذلك أنا أؤمن بها بشدة.
بما أنك موظفة تتمتعين بخبرة طويلة وراسخة في العمل لدى بي أم أم آي، ما هي النصائح التي تقدمينها لمن بدأوا للتو مسيرتهم المهنية؟
أعتقد أن أهم عنصر بالنسبة لأي شخص يفكر في الانضمام لإحدى الشركات، أو يلتحق بوظيفة في قطاع جديد، أن يهيئوا أنفسهم جيداً ويتخذوا العقلية المناسبة، والتي تعني أن يكونوا مستعدين تماماً لبناء أنفسهم من الصفر. لأنه لا توجد طرق مختصرة للأسف، ولذلك تعتبر قابلية التعلم والمثابرة الطريقة الوحيدة للنمو والترقي باستمرار وتعلم المجال الذي تعمل فيه من الألف إلى الياء؛ لا تضع حدوداً لنفسك وتقول: لا أستطيع القيام بهذا. ضع في بالك دوماً أنه مادام هناك شخص آخر يستطيع القيام بها، فبمقدورك التعلم والقيام بها بنفسك أنت أيضاً! ما من شك في ضرورة التنمية الذاتية، لذلك لا بد عليك أن تدفع نفسك وتحفزها على مواصلة التعلم. وعلى امتداد الطريق، ستجد من يرشدك، لكن لا تنس أن أفضل طرق التعلم تأتي من خلال القيام بالمهام العملية، والتطبيق الواقعي، والخروج من منطقة الراحة وبذل ما في وسعك، لأنه وكما يقول المثل من جدّ وجد، ومن زرع حصد، ومن سار على الدرب وصل!