
نهج استراتيجي لتطبيق المسؤولية الاجتماعية للشركات – لقاء مع ريم التاجر، المسؤول الشريك للمسؤولية الاجتماعية للشركة
لطالما التزمت مجموعة "بي أم أم آي" بكونها شركة مسؤولة تدعم الناس والنمو الاقتصادي والاجتماعي في البلدان التي تعمل فيها. وقد قمنا خلال السنوات القليلة الماضية، بإدراج مبادرات المسؤولية الاجتماعية ضمن نهج أكثر استراتيجية بغية إحداث أثر إيجابي مستدام للنشاطات التجارية التي تديرها المجموعة والطريقة التي تدعم بها المجتمعات. وإحدى الشخصيات المحورية التي يعود لها الفضل في هذه المبادرات، هي ريم التاجر، التي تشغل منصب المسؤول الشريك للمسؤولية الاجتماعية بمجموعة "بي آم أم آي". وفي الآونة الأخيرة، عقد فريق الاتصالات المؤسسية والتسويق بالمجموعة لقاءً مع ريم لمعرفة المزيد عن مبادرات المسؤولية الاجتماعية لدى "بي أم أم آي".
في عالم الشركات التجارية الحالي، نسمع الكثير عن مصطلح "المسؤولية الاجتماعية للشركات" لكن ما الذي يعنيه ذلك حقاً بالنسبة لمجموعة "بي أم أم آي" بالذات؟
بالنسبة لمجموعة "بي أم أم آي"، يتجاوز مفهوم "المسؤولية الاجتماعية للشركات" الالتزامات التقليدية المعتادة التي تتعهد بها الشركات. صحيح أنه لا يمكننا الإدعاء أننا حققنا كل ما نريده من الأهداف المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية، إلا أنني أؤمن أن عملنا ضمن هذا المفهوم لا يقتصر على لائحة مهام نشطب أحدها بمجرد إنجازه، كما أنه -بلا شك- يتجاوز مجرد التزامنا بالمتطلبات والمسؤوليات المفروضة علينا قانوناً.
في عالم التجارة الحالي، ما من شك في أن الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية للشركات وأخذها على محمل الجد يمنحك ميزة تنافسية. مع ذلك، فكل شركة لها أهدافها الخاصة، وملخص الأمر أنه لا بد عليها من مراعاة مصالح المستثمرين والعملاء والمستثمرين في كل ما تفعله من عمل. يشمل هذا السعي الحثيث نحو تحقيق مؤشرات الأداء المُسطرة، وتعظيم الأرباح، ووضع حملات تسويقية استراتيجية الطابع، والأهم من ذلك، إدارة طاقم موظفيها. ومهما اختلفت الأهداف من شركة إلى أخرى، إلا أن الرئيسية منها لا تخرج عن ضمان استمرارية العمل التجاري وتحقيق الاستدامة. وهذا بالذات ما جعل مجموعة "بي أم أم آي" ترسم رسالة واضحة ومبادئ توجيهية مفصلة تحدد بدقة الطريقة التي تعمل بها المجموعة.
في هذا السياق، مثلت السنوات الماضية نقطة تحول حقيقية للطريقة التي ننتهجها في إدارة مبادرتنا في المسؤولية الاجتماعية للشركات، ذلك أن هذا المفهوم تطوّر من كونه مجرد مبدأ من المستحسن "أن تملكه الشركة" ليصبح "أولوية استراتيجية" تشمل كافة فروع وأقسام وأعمال المجموعة. بل لو أردنا الحقيقة، سنقول أن كافة الشركات العاملة في المنطقة أدركت يقيناً أن "الحملات التسويقية التي تروّج للشركة تحت غطاء أنها شركة تحترم البيئة وتدعم الاستدامة" قد ولت دون رجعة. أما الآن فلم يعد من المستغرب أن نرى العديد من المؤسسات تطلق مبادرات أخلاقية وأخرى متعلقة بالمسؤولية الاجتماعية حقيقية وأصلية فعلاً، (وليست بغرض الترويج المحض) صحيح أنها تدعم أعمالها التجارية بلا شك، لكنها أيضاً تحدث آثاراً إيجابية في نهاية المطاف وتعزز مكانتها في المجتمع والسوق على حدّ سواء.
ما هي المبادئ التوجيهية لاستراتيجية الاستدامة التي تطبقها "بي أم أم آي"؟
لا تتمحور عمليات "بي أم أم آي" التشغيلية حول الأعمال التجارية فحسب، بل لدينا تركيز عظيم أيضاً على طاقم موظفينا والناس ضمن المجتمعات التي نجري فيها نشاطاتنا. لذلك نواصل الاستثمار بفعالية في برامج المسؤولية الاجتماعية ضمن الشركات التابعة لنا؛ أما سياستنا الخاصة بالاستدامة التي نسميها "Nourishing Life"، فقد صُممت خصيصاً وفق هذا المبدأ. تساعدنا هذه البرامج والسياسات على مواصلة التفوق على أنفسنا كل مرة، وتدعمنا في مسعانا لتقديم قيمة حقيقة للمجتمعات التي نخدمها، ليس بشكل عشوائي إنما بنهج منظم وطريقة استراتيجية تحدث أعظم الآثار الإيجابية المرجوة.
بمناسبة ذكر سياسة الاستدامة "Nourishing Life"، اسمحوا لي أن أوضح لمن لا يعرفها بعد، أنها عبارة عن إطار عمل يضم داخله 75 التزاماً نقوم بمراجعتها باستمرار، لكن جميعها تستند إلى ثلاثة ركائز مترابطة هي: لا هدر، والصدق، والصحة.
من المقرر أن نقوم هذا العام بمراجعة هذه السياسة، حيث سنشرك في عملية المراجعة كافة الموظفين العاملين لدينا، ذلك أنه ما من جدوى كبيرة لمراجعتها بمعزل عنهم، إذ أن الأهداف المسطرة فيها هي جهود جماعية تحقق بالتظافر والتكاتف معاً. ولمنحكم نظرة عن عملية المراجعة، أشير إلى أننا حالياً نناقش استبدال الركيزة "لا هدر" بمبدأ "الرعاية". وقد جاء هذا الاقتراح بعد أن سمعنا العديد من المساهمين في الشركة يشيرون إلى أن "الرعاية"، بالمعنى الواسع للكلمة، تعدّ جانباً بالغ الأهمية بالنسبة لهم. بهذا الصدد، تنطوي "الرعاية" على التزامنا الذي نكنه تجاه قوتنا العاملة والمجتمعات التي ننشط فيها والبيئة التي تحتضننا، وهي تعني كذلك الوعي المستمر بتأثير أعمالنا على المحيط الذي نشتغل فيه، من بشرٍ وبيئة وكائنات حية.
إننا لا نريد القيام بالمهام فقط لأنها بسيطة وسهلة، بنفس القدر الذي لا نريد فيه أن نقوم بأي شيء لا علاقة له بما يمثلنا حقّ التمثيل. من هذا المنطلق، نأمل أن تندمج سياساتنا الخاصة بالمسؤولية الاجتماعية في كافة العمليات التشغيلية التي نجريها، بما يمكننا من إضفاء المزيد من القيمة على أعمالنا التجارية وضمان أن كل مبادراتنا مبادرات مستدامة على المدى الطويل.
ما السبيل لضمان "الشفافية" أثناء إدارتنا لمبادرات المسؤولية الاجتماعية؟
لدينا نظام اتصالات مؤسساتي متطور يشمل كافة أقسام "بي أم أم آي" والدائرة الأوسع من المجتمع الناشئ حول أعمالنا، حيث تُبث في هذا النظام رسائلنا ومنجزاتنا بشأن الأثر الاجتماعي وما الذي نقوم به ولماذا نقوم به. وتماشياً مع القيمة الأولى من قيم مجموعتنا، المتمثلة في "الصدق"، نحرص دائماً على الالتزام بالشفافية ومشاركة ما نحرزه من تقدم في مجال الأثر الاجتماعي مع كافة الموظفين، وعبر جميع قنوات التواصل المعتمدة.
من ضمن هذه القنوات "تقرير التواصل حول التقدم السنوي" الذي نصدره سنوياً. بهذا الصدد، تعدّ "بي أم أم آي" إحدى الشركات القلائل في البحرين التي تصدر "تقريراً للتواصل حول التقدم السنوي"، الذي يضم معلومات عن التقدم الذي أحرزته المجموعة في سعيها نحو تحقيق المبادئ العشرة للميثاق العالمي للأمم المتحدة. يبرز التقرير ضمن صفحاته التدابير والمبادرات التي نفذناها على مدار العام، كما يستعرض أيضاً نتائجها المحققة على أرض الواقع. بمناسبة الحديث عن الصدق، يُنشر هذا التقرير على موقعنا الرسمي وعلى موقع الميثاق العالمي للأمم المتحدة، مما يضمن للمتلقيّ أكبر قدرٍ من الشفافية.
من ناحية أخرى، وفيما يخص فريق العمل، نحرص دائماً على التواصل بشكل دوري من خلال نشراتنا الداخلية عن مبادرات المسؤولية الاجتماعية، والمشاريع المزمع إطلاقها ونشارك النصائح التي ندعو لتطبيقها فيما يخص الوعي الدائم بضرورة التحليّ بالمسؤولية والسعي الحثيث لتحقيق الاستدامة.
كيف تختار "بي أم أم آي" المبادرات التي تدعمها؟
في ظل المجتمع الحالي للأعمال التجارية، من المؤسف أن نرى أن بعض المبادرات ما هي إلا نوع من أنواع الأعمال الخيرية التي تجرى "لمرة واحدة فحسب"، في حين أن من الواجب أن تكون مشروعاً طويل الأمد ذو تركيز استراتيجي يحدث الأثر المرجو والمستدام. إلا أننا في "بي أم أم آي" نؤمن أن مبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات لا بد أن تتماشى دائماً مع استراتيجية العمل التجاري.
وهذا ما يتمحور أساساً حول "الحدس" و"الحس السليم". صحيح أنه ليس من السهل دائماً أن نحقق التوافق ما بين الأثر النهائي الذي نحدثه في عالم الواقع وأهداف المسؤولية الاجتماعية والمؤسسية، إلا أننا نبذل أقصى ما في وسعنا لتحقيق ذلك. لنأخذ أحد النماذج المتمثل في مبادرتنا للحدّ من هدر الطعام. تتماشى هذه المبادرة تماماً مع عملياتنا التجارية الأساسية، وفي ذات الوقت تمكننا من إحداث أثر اجتماعي إيجابي. وهذا ما يعني أننا نصيب عصفورين بحجر واحد: نلبيّ حاجة مجتمعية ملحة، وفي ذات الوقت نتصدى لحل مشكلة داخلية تتمثل في النفايات وما يتعلق بها. وهذا ما يعتبر بحقّ وضعية يكسب فيها الجميع.
من ناحية أخرى، يقوم فريق عملنا باستمرار بمراجعة المبادرات التي نطلقها ويسعى بهمة ونشاط نحو عقد الشراكات التي تدعمنا في تحقيق مساعينا. ومن ضمن ما أنجزناه في هذا المجال على سبيل المثال لا الحصر: مساعدة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة على اكتساب مهارات العمل اللازمة من خلال برنامج خدمات المساعدة في التوظيف والتدريب (EFTS)، وجهودنا المركزة للحد من النفايات من خلال تعاوننا المستمر مع جمعية حفظ النعمة، هكذا نقدم الدعم بطريقة استراتيجية للأشخاص والمجتمعات والبيئة التي نعمل فيها.
هل يقع توليّ مبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات على عاتق فرد واحد أو قسم واحد ضمن المجموعة؟
بالتأكيد لا! كما لا يخفى عليكم، لا يمكن أن ندمج المسؤولية الاجتماعية للشركات بشكل سلس وفعّال ومستدام عبر كافة عملياتنا التشغيلية دون تكاتف جهود كل فردٍ من أفراد المجموعة ومشاركته. بهذا الصدد، نسعى لدمج المسؤولية الاجتماعية بحيث تصبح جزءاً أصيلاً من العمليات التشغيلية التجارية، وليست مجرد مهمة إضافية على لائحة مهامنا.
وبودي أن أعرب عن إيماني الجازم بأنه من خلال تكاتف جهودنا، ستنفتح أمامنا أبواب واسعة من الفرص العظيمة التي ستفضي بنا إلى تحقيق أعظم النتائج كفريق متماسك ذي روح واحدة. إذ ينبغي علينا جميعاً التحلي بالمسؤولية وانتهاج عقلية الاستدامة إن أردنا أن ننجح معاً. في هذا السياق، يتجلى أكبر أثر اجتماعي بإمكان المجموعة إحداثه في النتائج التي تسفر عن أعمالها التجارية بحد ذاتها، وليس الاكتفاء بمبادرات وأنشطة مسؤولية اجتماعية منفصلة عن طبيعة عملها الأساسية. ففي نهاية المطاف، لا يمنعك شيء من تحقيق ذلك، لأن الخبرة والموارد متوفرة، ويكفي أن تفكر ملياً في كيفية إدماج المسؤولية الاجتماعية للشركات بطريقة مستدامة ومتوافقة مع نطاق عملك الأساسي.
وهذا -أي دمج المسؤولية الاجتماعية للشركات ضمن العمليات الأساسية للمجموعة- يمكن تنفيذه بأشكال مختلفة، مثل الإجراءات الإدارية، والانتقاء المسؤول للمتعهدين الخارجيين وتحسين عمليات التوظيف، وتطبيق أفضل الممارسات الإدارية العالمية المستوى، وتعزيز القدرة على تنظيم البرامج التي تدعم توظيف طيف متنوع من الأشخاص، وضمان الإنصاف في الترقية المهنية، وتعزيز الشمولية (عدم إغفال أحد أو فئة)، والحدّ من الهدر وتضييع الموارد وغير ذلك. إن الإمكانيات هنا لا نهاية لها! في هذا الجانب، حتى الأشياء التي تبدو لنا بسيطة يمكنها أن تُحدث عظيم الأثر على المدى البعيد، على سبيل المثال الاعتراف بالجهد الذي بذله أحد زملاء العمل أو أحد الأشخاص ضمن الدائرة الأوسع من المجتمع. هكذا ومن خلال العيش وفق قيمنا ومبادئنا، نعزز أيضاً التزاماتنا تجاه بعضنا البعض. ومن خلال هذه القيم والأهداف الرئيسية واستثماراتنا التي نجريها وفرص العمل التي نوفرها، بمقدورنا تحقيق الازدهار للمجتمعات التي نعمل فيها والرفاه للناس الذين نخدمهم.
وبصفتنا فريق مجموعة "بي أم أم آي" للمسؤولية الاجتماعية للشركات، كلنا آذان صاغية لكل رأي يُقدّم لنا، ونحن متاحون لتوفير المشورة والدعم اللازمين لكل من يحتاجها، ولا غنى لنا عن آرائكم وردود أفعالكم بشأن ما الذي ينبغي علينا القيام به ضمن عملك الذي تشغله معنا. وفي خضم مضينا نحو تحقيق الأهداف المرجوة، لن نتوانى عن السعي وراء الفرص المتاحة لإحداث أعظم الآثار الإيجابية بصفتنا أولاً وقبل كل شيء: شركة مواطِنة مسؤولة. إن مبدأ "الشمولية"، أي عدم إغفال فرد أو فئة، من مبادئنا الراسخة في المجموعة، ونؤمن به إيماناً عميقاً، لذلك لا تردد في أن تتقدم إلينا بأي استفسار أو تساؤل أو وجهة نظر، لأنه يسعدنا جداً الإصغاء إليك. هكذا، وبمشاركة كافة الموظفين لدينا، تتمثل بؤرة تركيزنا لهذا العام، سنة 2019، في مراجعة سياساتنا وتلقي آراء المستثمرين والمساهمين لضمان توافق ركائزنا مع المبادئ التي، بصفتك موظفاً أو مساهماً أو شريكاً، تفتخر وتعتز بدعمها والسعي لتحقيقها. هذا ما أرى أنه السبيل الوحيد لجعل المسؤولية الاجتماعية للشركات في "بي أم أم آي" تحقق أعظم قدر ممكن من الأثر الاجتماعي الإيجابي.