
هل سمعت عن متلازمة الكهف؟
لقد تصفحنا جميعاً مقالاتٍ حول كيفية تأثير الوباء على صحتنا العقلية، وقد مر العديد منا بهذه المعاناة بشكلٍ مباشر.
إلا أن هناك ظاهرة جديدة بدأت في التطور لدى بعض الأشخاص مع تزايد عدد متلقي التطعيم في جميع أنحاء العالم وبدء البلدان في إعادة الانفتاح التجاري مع تخفيض القيود المفروضة. فبعد المرور بتجربة طويلة من العزلة والتباعد الاجتماعي، يعاني الكثير من الخوف والقلق بشأن العودة إلى نمط حياتهم الطبيعي قبل انتشار الوباء - حتى في حالة تطعيمهم.
على الرغم من عدم وجود تشخيص طبي رسمي لهذه الحالة، إلا أن العديد من الأشخاص قد مروا بها وقد أُطلِقَ عليها اسم "متلازمة الكهف".
لقد ثبتت صعوبة العودة إلى نمط الحياة "المعتاد"، فقد أظهرت دراسة أجرتها جمعية علم النفس الأمريكية أن 49 في المائة من الخاضعين للدراسة البالغين توقعوا أنهم لن يشعروا بالراحة عند العودة للتفاعل الشخصي مع غيرهم. وأفاد ثمانية وأربعون في المائة من الذين تلقوا التطعيم أن لديهم نفس الشعور.
لم تكن هذه الصعوبة مفاجئة، وقد توقع باحثون حدوث شيء مشابه منذ أوائل عام 2020. فعلى سبيل المثال، توقعت دراسة أجراها باحثون في جامعة كولومبيا البريطانية أن حوالي 10٪ من الأشخاص المعاصرين للوباء قد يصابون بما أطلقوا عليه "متلازمة التوتر الناجمة عن فيروس كورونا"، ومن بين أعراضها الخوف من العدوى أو من لمس الأسطح أو الأشياء التي قد تكون ملوثة والبحث عن الشعور بالطمأنينة وظهور أعراض التوتر النفسي المصاحب للإصابة بفيروس كورونا.
ولكن ما هو السبب وراء وجود هذه النسبة العالية من حالات الإصابة بمتلازمة الكهف؟ لا شك أن هذا الأمر يختلف من شخص لآخر. فما زال بعض الأشخاص يشعرون بخوف شديد من المرض، وربما ينتاب البعض الآخر درجة شديدة من التوتر بسبب محاولاتهم للقضاء على فيروس كورونا أو فقدانهم لأحبائهم، وعلى الجانب الآخر، قد يجد بعض الأشخاص حتى في العزل القسري والعزلة فوائد إيجابية.
فهل يبدو أي أمر من هذه الأمور مألوفاً لك؟ لا تخف، فأنت لست وحيداً! وها نحن نسرد عليك بعض الخطوات الموصى بها التي يمكنك اتخاذها لتساعدك في تسكين المخاوف الناجمة عن متلازمة الكهف،
ونرجو منك الاطلاع على هذه الخطوات المعتمدة من أخصائيين العلاج الطبيعي والمستقاة من مقالة على "ياهو لايف" وغيره من المنصات:
1- الصبر مع النفس
اعلم أنك لست وحيداً وأن الأمور تستغرق بعض الوقت حتى تعود إلى طبيعتها مرة أخرى، لذا بادر باتخاذ خطوات بسيطة واحرص على الاحتفال بالمراحل المهمة التي تبلغها، واعلم أن استعادة الأنشطة الروتينية السابقة وأجزاء من حياتك قد يستغرق بعض الوقت، ولكن لا بأس عليك في ذلك!
2- وضع مفهوم جديد للحياة "الطبيعية"
اعلم أن حياتك الطبيعية الجديدة تمثل كل الأمور التي تشعر بالراحة حيالها، فإنه وإذ يجري تخفيف بعض القيود المفروضة في مختلف الأماكن، إذا كنت لا تزال تشعر بالرغبة في مواصلة اتخاذ التدابير الاحترازية لمدة أطول، كارتداء قناع في الأماكن التي لا يلزم فيها الحفاظ على التباعد الاجتماعي في مختلف الظروف، فلا تترد وعبر عن حدودك بوضوح! ولا تدع نفسك تحدثك بأنك تبالغ في هذا الأمر أو تشعر بالضغط بحيث تُجبر نفسك على التخلي عن الإجراءات التي ترى أنها تحقق لك قدراً أكبر من الراحة. فأنت أعلم بحالك من غيرك، وعليك أن تفعل ما تراه صواباً لك. وقد تصير بعض الأمور من العادات التي تستمر معك طوال حياتك، مثل الحرص على تطهير اليدين على الدوام!
3- البقاء على علم بالمستجدات
أما فيما يتعلق بالقلق، ولا سيما ذلك القلق حيال بعض الخطوات مثل العودة لمقر العمل، فكلما زادت معرفتك، زاد شعورك بالقوة والقدرة على السيطرة على الأمور، لذا احرص على معرفة الخطوات التي تتخذها حكومتك بهدف المساعدة في حماية مواطنيها، بالإضافة إلى السياسات والإرشادات التي تصدرها شركتك بغية الحفاظ على سلامتك، وإذ إننا جميعاً نخاف من المجهول الآتي علينا من حين لآخر، لذا كلما زاد علمنا بالإجراءات الموضوعة، زاد شعورنا بالاستعداد لمواجهته.
4- تذكر المسيرة المقطوعة
لنكن صادقين، فإنه لا بد وأن نقر بأن هذا الوباء منذ ظهوره قد حملنا على التأقلم مع ظروف متغيرة وعصيبة تخلق شعوراً بالقلق، وقد حدث ذلك في مرات كثيرة دون سابق إنذار! ولكن، هذه التجربة التي خضناها قد أثبتت قدرة الناس على استعادة حيويتهم إثر هذه الجائحة، فلتتذكر المسيرة التي قطعتها والأمور التي قمت بها لاجتياز هذه الأزمة، تذكر بأنك قد اجتزت العديد من العقبات على مدار السنة والنصف سنة الماضيين، ولتكن على يقينك بأنك ستتخلص أيضاً من هذا القلق الذي ينتابك الآن في نهاية المطاف!
5- التمسك بالهوايات والأنشطة المريحة الجديدة المكتسبة خلال الحجر الصحي
لقد اكتسب الكثير منا هوايات جديدة على مدار الفترة الماضية، سواء الهوايات التي تساعدنا في قضاء وقت الفراغ أم تخفيف حدة القلق أم البقاء مشغولين، فقد أصبحت تلك الهوايات والأنشطة، سواء أكانت عبارة عن أعمال البستنه داخل المنزل أم الحياكة أم الاستماع إلى الموسيقى أم التأمل أم الأنشطة الدينية أم كانت أشياءً مختلفة اختلافاً تاماً، تلعب دوراً أساسياً في مساعدتنا في الشعور بالراحة والأمان خلال الأوقات غير المسبوقة. وإذ ما انتابك شعور من شأنه أن يبعث على عدم الراحة، فاعمد إلى الهوايات والأنشطة التي تساعد في التخفيف من حدة القلق وتبقيك مشغولاً.
6- استحضار الأشياء التي استمتعت بها في حياتك قبل ظهور الجائحة
إذا ما انتابك شعور بالقلق والتوتر، فحاول أن تستحضر من ذاكرتك تلك الأمور التي اعتدت على الاستمتاع بها في حياتك قبل ظهور الجائحة، سواء أكانت تتمثل في رؤية أشخاص مألوفين بصورة أكثر مما هو عليه الحال أم المشاركة في الأنشطة الآمنة التي كنت تستمتع بها أم تناول ما تشتهي من الطعام في مطعم جديد، واستحضر من ذاكرتك عدداً من الأشياء التي قد تتطلع إلى تحقيقها!
7- تنقية النفس بالتعبير عن الحزن
لقد كانت هذه الفترة عصيبة للغاية بالنسبة لكثير من الناس، ومن الأهمية بمكان أن نعترف بهذا الأمر، فإذا كنت قد تعرضت لخسارة أو مررت بتجربة عصيبة للغاية إثر هذه الجائحة، فمن المهم أن تنقي نفسك من آثارها وأن تعبر عن حزنك على المرور بها، ولتعلم أن التواصل مع الآخرين هو سبيل النجاح في هذا الأمر، ولذا كن صادقاً أمام نفسك وأمام من تثق بهم في وصف الشعور الذي ينتابك. فإن يد العون ممدودة على الدوام، ويمكنك الحصول على المساعدة من الساحات المهنية والشخصية. احرص على منح نفسك الوقت الكافي للتغلب على مشاعرك السلبية، واطلب المساعدة متى احتجت إليها، وتعامل برفق مع نفسك ومع من حولك.
8- التواصل مع المتخصصين طلباً للمساعدة المهنية في حالة الحاجة إليها
تختلف مستويات القلق بين هؤلاء الذين يعانون من متلازمة الكهف من شخص لآخر، فإذا كنت تشعر بقلق بالغ وتشعر بأن هذا القلق يستحوذ عليك ويضعف قواك، أو إذا كان هذا القلق يحول دون أن تنعم بأفضل حياة ممكنة، فلا حرج أن تتواصل مع المتخصصين طلباً للمساعدة المهنية، ولقد كانت السلامة العقلية محل تركيز خلال الجائحة، بل إن الناس يعملون الآن أكثر من أي وقت مضى على رفع وصمة العار والشعور بالخجل من الأمراض العقلية التي نعاني منها، فإذا بلغت من القلق مستواً يصعب السيطرة عليه، فهناك الكثير من المتخصصين الذين سيساعدونك في السيطرة على مشاعرك والتغلب عليها.